العزوف عن الكتابة
صفحة 1 من اصل 1
العزوف عن الكتابة
كلما حاولت العزوف او عزفت عن الكتابة بزمان اصبح فيه الكاتب بائعا للحرف شاريا للرغيف وحال ا رهق الرائي لشدة تقلبه وتحوله..الا انني وضمن اناس..يرون ولا يدعون وليس تبجحا بل خوفا وامتعاضا لان الدواء في بيت العله والعلة في بيتها الداء العضال...الفضائيات و الاموال التي تصرف على البرامج الهابطة والاغاني التافهة جدا...والتي اخلت بمقياس الذوق العربي والديني ايما اخلال وان كنت قد كتبت عن اغنية البرتقاله السيئة الصيت عرضا وطولا ما لم يشف غليلي((تذكرت وانا انظر التلفاز مغنيا اقرب الى المهرج ونساء يعرضن الصدور والافخاذ بشكل يدل على السذاجة والضعة..ما يخدش الاحياء ويمزق صورة النساء الصابرات في زمان اصاب اهله بالوجوم وانحدر بالحال الى ادنى التخوم وكلام حسب على الموروث الشعري مما لايمكن ان يضيف ان لم يكن يحذف...تذكرت قصيدة الشاعر المبدع محمد المكي ابراهيم (بعض الرحيق انا والبرتقالة انت)وتذكرت خباء العامرية))..لقد فاجأني برميل ليس له من الغناء شيْ فلا حسا ولا اداء ولا صوتا ولا صوره فاجأني بأ غنية يالبذنجانه واذا بي ارى أغنية البرتقالة تذكرني بمقولة كانت قديما (مرحومه روح اشعيط النوب جانه معيط..يدق خازوق
عذرا ليس لي في الكلام غير اللائق لكن الامر ينطبق..والخازوق الكبير هو ان ما يوجه من اعلام يصب في خانة ارباك الجيل وفصله عن ذاكرته(ذاكرة القيم)والانتقال به الى مساحة اوسع من الحرية الجسدية والفكرية مما ينذر بكارثة قد تحل بعد وقت ليس ببعيد..وهي ضياع الهويه..وهذا ما يراد تحديدا لجعل الدين في الكتب والتي لن تقرأ مستقبلا والفضل في ذلك للكثيرمن الفضائيات العربيه..من باب اذا كان رب البيت....كذلك الفضل والقصد السوء للانترنيت ايضا ومواقع الحب والكلام واشياء اخرى تثير كل علامات الاستفهام .....وذكر
أخبار ثقافية
اللغة العربية والتحديات المعاصرة
ينظم مجمع اللغة العربية، ندوة يوم الاربعاء 4/5/2005م الساعة السابعة والنصف مساء بمقره بالخرطوم حول اللغة العربية والتحديات المعاصرة، يتحدث فيها د. علي احمد محمد بابكر (حوار الثقافة العربية مع العولمة المطروحة) ويعقب عليها الاستاذ صديق المجتبى، واللغة العربية بعد السلام في السودان يقدمها أ .د. دفع الله عبد الله الترابي، ويعقب عليها أ.د.عبد الرحيم علي،واللغة العربية واللهجات المحلية في السودان أ.د.يوسف الخليفة ابوبكر، ويناقشها أ.د.عون الشريف قاسم، واللغة العربية ووسائل الاعلام، يقدمها أ.د.علي محمد شمو، ويناقشها د.عبد الدائم عمر الحسنمعرض رسومات الأطفال
تشهد صالة المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون هذه الأيام معرض رسومات الأطفال الذي ينظمه المركز القومي لثقافة الطفل، وتم افتتاحه يوم الاحد 1/مايو 2005مرابطة عطبرة للآداب والفنون
وضعت رابطة عطبرة للاداب والفنون الخطوط العريضة لبرنامجها الأدبي والفني الذي يتضمن مقترحاً بإقامة كلية للدراما والموسيقى بجامعة وادي النيل كما تواصل الرابطة مساعيها لطباعة مخطوطات الشعراء الراحلين ومنهم حاج حمد عباس، محجوب قسم الله«المنبثق» والطيب حسن الطيب وإبراهيم سيد احمد وكتابات الاستاذ بشير الطيب، إضافة الى مخطوطة الشاعر محمد حمد شلالي - أطال الله في عمره إضافة إلى إخراج كتاب مصور يؤرخ لمدينة عطبرة للاستاذ الرشيد مهدي.
ليلة البرعي
أقام الاتحاد العام للكتَّاب والأدباء السودانيين أمسية لتأبين الفقيد الشيخ عبد الرحيم الشيخ محمد وقيع الله «البرعي» وتحدث في الحفل البروفيسور عون الشريف قاسم الذي تحدث عن عبقرية الفقيد وسماحته، وتلاه المهندس السعيد عثمان محجوب، ثم قدمت مجموعة من القصائد في رثائه لعدد من الشعراءافتتاح صالة اتحاد التشكيليين
افتتحت أمس الأول عند السابعة مساء رسمياً صالة الفنون التشكيلية بالمقر المؤقت لاتحاد الفنانين التشكيليين السودانيين، و ذلك بمباني وزارة الثقافة والإعلام سابقاً، المقر الحالي للأمانة العامة للعاصمة الثقافيةتمام المرحلة الثانية من مسرح كرري
تفقد الأستاذ هاشم هارون وزير الشؤون الثقافية والاجتماعية بولاية الخرطوم، المرحلة الثانية من مسرح محلية كرري الذي تم تصميمه بمواصفات عالمية، بحيث يسع 1200 متفرج، ومن المؤمل اكتمال جميع مراحله قريباً لكي يشكل إضافة حقيقية للصروح الثقافية بولاية الخرطوموزير الشؤون الثقافية
والاجتماعية بمعرض شبرين
قام الاستاذ هاشم هارون وزير الشؤون الثقافية والاجتماعية بزيارة لمعرض الفنان التشكيلي شبرين والذي يأتي في إطار موسم جاليري راشد دياب للعروض التشكيلية، وقد أبدى الوزير اعجابه باعمال الفنان شبرين مثمناً دوره الرائد في حركة التشكيل في السودانجمعية النحاتين السودانيين
عقد يوم السبت الماضي الاجتماع التأسيسي لجمعية النحاتين السودانيين، بمبادرة من عضوية اتحاد التشكيليين السودانيين، وتم انتخاب اللجنة التمهيدية المناط بها وضع الدستور واللائحة ودعوة الجمعية العمومية للانعقاد في غضون شهر مايو الجاري، وبذلك تهيب اللجنة التمهيدية بالإخوة النحاتين استلام استمارة العضوية طوال ساعات الدوام اليومي وذلك باتحاد التشكيليين السودانيين
الفلكلور في المسرح السوداني
صدر للدكتور عثمان جمال الدين، كتاب «الفلكلور في المسرح السوداني» عن مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم، يقع الكتاب في «157» صفحة من القطع المتوسط، ويحوي بين دفتيه ثلاثة أبواب وخاتمة، تناول في الباب الأول الحكاية الشعبية في المسرح بالسودان. والثاني «القيم الاجتماعية في المسرح بالسودان» الباب الثالث كان موضوعه «الاسطورة في التاريخ في المسرح بالسودان
اليونسكو تمنح الصحفي الصيني جانغ زينهوانغ جائزة (باليرمو كانو) لحرية الصحافة
منحت اليونسكو جائزة حرية الصحافة العالمية للصيني جانغ زنهوانغ اعلن ذلك السيد "كوتشيرو ماتسورا " المدير العام للمنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم(يونسكو) موصيا بذالك علي حرية وسائل الاعلام في كل انحاء العالم
وجاء في الاعلان ان السيد جانغ رئيس تحرير صحيفة )بانكوك اليومية ) الناطقة بالغة الانجليزية قد قدم مثالا حيا بان مؤسسته هي الافضل في الصين منحيث الدفاع عن الحريات الصحافية وذلك من خلال مقالاته التي تحدث فيها عن بصراحة ضعف الصحافة وعجزها عن القيام بدورها الذي من المفترض ان تلعبه في نشر الوعي العام في بلاده
ايضا يساهم السيد جانغ كمحرر في يومية (المتمدن الجنوبي) والذي يبلغ من العمر 40 عاما في تأسيس وعيا جديدا في الصحافة الصينية من حيث حرية التعبير والمهنية والكفاءة واستطاع بذالك ان يحول صحيفته الي اهم اصدارة يومية في الصين ومن اكثرها نجاحا وكان له دوره الكبير في نشر مقالات عن مرض (السارس) وحالات الوفاة التي حدثت بسببه في مركز شرطة كانتون
وكانت السلطات قد احتجزت المرضي في هذا القسم ولم ترسلهم لتلقي العلاج مما ادي ذالك الي اعتقال وجانغ زنهوانغ وقضائه 5 اشهر في المعتقل ومعه زميليه (يو هو فنغ) و(ليمينغ وقد اطلق سراح حه في اغسطس الماضي من عام 2004 وقد مكث كل هذه المدة في المعتقل بدون توجيه تهمة له ومنع من استئناف عمله الصحغي وقد عبر بشعور غامر بالفرحة عن فوزه بالجائزة قائلا:"انني اشعر بالاطمئنان والارتياح وفي نفس الوقت احس بالاسي لان كل ماقمنا به كان عبارة عن قناعاتنابمهنتنا" وتمنح جائزة حرية الصحافة اليوم 3 مايو الذي يحتفل به هذا العام في داكار عاصمة السنغال.
وقد أطلق على الجائزة اسم الصحفي الكولومبي غويرمو كانو، الذي قتل في عام 1987 بعد أن استنكر أنشطة بارونات المخدرات الأقوياء في بلده. والمرشحون تتقدم بأسمائهم الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعزز حرية الصحافة.
والصحفيون الذين حصلوا في السابق على جائزة حرية الصحافة العالمية هم: أميرة هاس (إسرائيل)، في عام 2003؛ وجيوفري نياروتا (زمبابوي)، في عام 2002؛ والصحفي المسجون أو وين تين (ميانمار)، في عام 2001؛ ونزار نيوف (سوريا) في عام 2000؛ وجيسوس بلانكورنلاس (المكسيك) في عام 1999؛ وكريستينا أنيانو (نيجيريا)، في عام 1998؛ وغاو يو (الصين)، في عام 1997تشكيل
من فيئ الحديقة
بلدنا هذا وان طغت عليه ـ في الاونة الاخيرة ـ سواءات فساد الذمم الذي افضي الي فساد الامكنة الذي ترتب عليه فساد للذوق العام لا مثيل له ! وفيما وصفناه في بيان الحديقة التشكيلية بالتطبع على حالة القبح والفوضي التي ضربت باطنابها في كل ارجاء بلادنا ، بلادنا التي وان غشت على الروح الطيبة فيها غلالات كثيفة من البؤس والعسف ، وان تضور اهلها من مختلف اشكال الجوع والافقار ، لهي في نظري جميلة وغنية في اصولها الحضارية الانسانية العميقة وزاخرة بمقدراتها الثقافية وبكنوزها الوطنية الحية مثلما هي ذاخرة بتراث فنوننا المادية الاصيلة التي تشهد بها حضاراتنا القدمية المغيبة عن وعينا الجمعي والتي شادها اسلافنا من الصناع المهرة والفنانين المبدعين العظام على ضفاف نهر النيل وروافده واوديته وكان التشكيل او قل الفن ، اعلى ذروة من ذراها ، وكانوا هم بناتها الحقيقيون ـ لا الاباطرة والملوك والسلاطين ـ وسيظلوا هم بناتها الفعليون الي ان يرث الله الارض ومن عليها ، كما تشهد بذلك حرف وصنائع وفنون اهلنا في السودان على تعدد اثنياتهم ومعتقداتهم وافكارهم وثقافاتهم التي لم تنقطع منذ آلاف السنين ، والتي اندثرت ، والتي يتهددها الزوال ، والتي نهبت والتي في باطن الارض ، وما خفي اعظم.
وتشهد بذلك حركتنا التشكيلية الحديثة التي تسنم ريادتها وفي زمن عصيب ، رهط كبير من الفنانين الفطريين الغر المبدعين ـ وللاسف ـ لا نعرف عنهم حتي الآن سوي القليل ولا نعرف منهم سوى علي عثمان والعريفي الكبير وجحا وكومي وعيون كديس الى آخر قائمة (حقيبة الفن) التشكيلي الامدرمانية المتداولة التي لا يعترف بها الا لماما ولا يعرف غيرها ، يليها رهط اخر من الرواد الاكاديميين امثال تلودي وعبد القفار عبد الرازق وعلي احمد ووقيع الله والجنيد والصلحي والشايقي والنجومي وبسطاوي ومحمد عبد الله وشبرين ونضيف وتاج السر احمد وعامر نور ومحمد عمر خليل الى آخر القائمة الخرطومية المعروفة التي اعقبت قوائم واجيال اخري ، نشأت على تواليبها مدارس وجماعات وبالاحري مدرسة وجماعة وهما مدرسة الخرطوم وجماعة اباداماك وظهرت اتجاهات واساليب تمخض عن حواراتها وحراكها في ـ حوالي ـ ثلاثة عقود من الزمان صدور اكثر من بيان ثقافي تشكيلي اهمها ـ في تقديري ـ البيان الكريستالي وبيان الحديقة التشكيلية وذلك من حيث الرؤى والافكار التي يطرحها كل واحد منهما وقدرتها على تلمس اسئلة في غاية الاهمية ، تتعلق ببعض علل الذهنية السودانية (اذا صح التعبير) وطرائقها في التفكير والتدبير فيما يتعلق بكل شأن وبالشأن السوداني في منظوره الجمالي التشكيلي على وجه الخصوص ، فالبيان الاول يتعلق في جوهره بخلل طرائق التفكير الجامدة ومسلماتها الساكنة التي تنتظم حياتنا عموما وحياتنا الثقافية البصرية على وجه التحديد ، والثاني وبعد استقرائه الموضوعي لواقع البيئة المادية التشكيلية ومشهدها البصري ، نجده يتعلق في اساسه بابتداع حلول وطرائق في التدبير تقوم على اعلاء شأن ثقافة الصورة البصرية وسائر الفنون المادية التشكيلية وتجذير مكانها اللائق في منظومة وعينا الجمعي جنبا الي جنب مع ثقافة اللغة وعلي استنهاض الروح الخلاقة وارادة العمل الجماعي لمجابهة الفوضي وفيروس القبح ودائه الذي استوطن في حياتنا كحمي الملاريا بل غطي كل وجه جميل فيها بغلالة دميمة ، اخفت تلك الابتسامة الطيبة من وجوهنا بل حلت محلها وافسدت الذوق والاخلاق وحالت دون التفكير العلمي السليم.
ومن هذه الطرائق كانت فكرة الورش الدائمة التي اقترحها منفستو الحديقة التشكيلية الذي يدعو للتفكير في الاسباب التي تمنع النصب الميدانية والتصوير الجداري وللتفكير في الاسباب التي تحول دون انشاء النوافير والحدائق في المدارس والمساجد والكنائس والميادين العامة بدلا عنها طالما هي ليست نصبا مشخصة ولا تقع تحت طائلة حرمة التصوير والتشخيص !
ومن هذه الطرائق كانت ورشة حديقة الفنون للاطفال في مرحلتها الثالثة التي اقمناها بام درمان لمدة ثلاثة اشهر متصلة.
ومنها ايضا ، يجئ معرضي الفردي هذا ورغم قناعتي بأن (شوكلاتة) صالة العرض وحدها لا تشكل بديلا او حلا امثلا للتداوي من علل القبح والجوع الفني المستشرى في بلادنا ومثل جوعنا الآخر .
فهذا المعرض ـ وعلى اية حال ـ يجئ كمساهمة متواضعة في حجمها ، لكنها في ذات الوقت تحمل في ثناياها تطبيقا لبعض الرؤي المطروحة في منفستو الحديقة التشكيلية ، كما تحمل بالطبع رؤيتي الخاصة في التكوين وصناعة العمل الفني وفق مفهوم احتمالات التشكيل اللامحدودة التي تنتفي فيها الحدود الفقهية الاكاديمية بين اجناس التشكيل المختلفة.
علاء الدين الجزولي
المعرض الفردي التاسع
المركز الثقافي الالماني / الخرطوم
في الفترة من 21 ابريل الى الاول من مايو 2005م
رابطة الكتاب السودانيين لماذا؟ (1ـ2)
لماذا هذه الرابطة؟ سؤال مشروع، لابد ان يسأله الكثيرون، والاجابة عليه مع اسئلة اخرى كثيرة يجب ان تأتي متضمنة في ديباجة دستور الرابطة، والتي ستحمل جينات الدستور وتعطيه شهادة ميلاده وأسباب وملابسات وجوده، وتسمى اباءه وامهاته. واشياء اخرى كثيرة.
اما انا فلا املك في هذه العجالة إلا ان انقل لك ما قد سجلته في الجلسة التأسيسية عن هذا الموضوع:
(الديباجة من الاهمية بمكان ، فهي تحمل جينات الدستور وتعطيه شهادة ميلاده ومقومات واسباب وجوده، الذي هو وجود الرابطة نفسها).
واذا كانت الديباجة لكل دستور مهمة فهي في حالة رابطتنا هذه اكثر اهمية، إذ انها تجيب على عدد من الاسئلة المهمة ، على رأسها لماذا الرابطة الآن؟
وعلى كل حال اذا لم تفرغ اللجنة المكلفة من صياغة الديباجة بعد، فلابد من الاتيان بشيء منها شفاهة: (قصدت بالاهمية ان الكل فاغر فاه يريد ان يعرف ما في الجراب).
في اعتقادي ان الاديب - قصد او لم يقصد - يضع اثر بصمته على امته، والذي ليس له هذا ا لاثر، يجعل صفة (اديب) عالقة به كما تعلق بخيال المآتة الملابس التي توضع عليه، فإذا كان الاديب نفسه ضحية فكرة معينة، اسقط تلقائيا معه عددا من الضحايا.. وأنا لا اقصد هنا الدعاية المباشرة لفكرة معينة او اعتقاد معين مثل الشيوعية او الاشتراكية او الاصولية، لكنني اعني اشياء هي (خصوصا في حالة فقدها) اقل وضوحا واقل مباشرة لكنها ليست بأي حال من الاحوال اقل اهمية، مثل الذكاء المحايد والشرف والامانة الفكرية (intellectual honest) والتسامح وسعة الافق وعشق المعرفة والهيام بالحقيقة وكراهية الظلم والتغابي والاستعلاء .. مما يسمى بقيم العقل الحر.. لسوء الطالع هذه القيم آخذة في التراجع، وكان لتراجعها مفعول السحر وسود العواقب، وفي ميادين لم تكن علاقتها مع الادب واضحة للعيان.. فتراجعت تلقائيا قيم اللعب النظيف (fair play) . الناس الآن من فرط تراجع هذه القيم كأنهم في معركة .. هم على التحقيق كذلك.. وفي المعارك اللعب النظيف مع الخصوم يعتبر خيانة عظمى !! ومن المحزن ان هذه الفهم قد اخذ في التسرب الى الادب وبفعل فاعل طبعا (ليس للاديب اعداء سوى الجهل والقهر والعهر - هذه الجملة لم ترد في حديثي المشار اليه)، الشيء المتوقع هو ان يرتفع الادباء بأدبهم فوق سطح الماء الآسن.. الادباء هم رئة الامة ، بها تتنفس الهواء النقي، فإذا كان جسد الامة كله غارقا الى اذنيه في المستنقع، والادباء يرتفعون بأدبهم فوق السطح، امكن للامة ان تتنفس الهواء النقي، وكان هنالك امل في ان يبقى جسدها حيا، ويرجى له ان يستعيد عافيته وان يقوم من وعكته (القضاة لهم خاصية مثل هذه ، لكنهم اكثر عرضة للتعفن من الادباء، ودونكم الحديث الشريف).
الادب الحقيقي هو هذا الهواء النقي، هو المبرد الذي يحفظ جسد الامة وعقلها من التعفن، ويعول عليه كثيرا في اعادة هذا الجسد - مهما بلغ من التحلل - الى الحياة و الي النشاط مرة اخرى، هذا هو منطلق الانضمام لهذه الرابطة ، (نريد ان نمد ايدينا واقلامنا لأمتنا). هذا ما قلته خلال ا لجلسة التأسيسية ، اما وقد اتحت لي الفرصة لإلقاء المزيد من الضوء فإنني اواصل (كتابة هذه المرة).
جاء في الحديث الشريف: (في الجسد مضغتان، اذا صلحتا صلح سائر الجسد واذا فسدتا فسد سائره، ألا وهما القلب واللسان)، والمضغتان في عالم الحس شريحتان قدتا من اللحم، آلا انهما في عالم المعاني يشيران الى الظاهر (اللسان)، والباطن (القلب)، وصلاحهما معا يشير الى تطابقهما، فليس هناك خلق هو اسوأ من ان يظهر الانسان خلاف ما يبطن.. جاء عن هذا السوء والفساد في القرآن: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ü كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). فالصدق. (وإن كان صاحبه مخطئا يورث الرحمة) فقد جاء في الاثر الشريف: (رحم الله قريشا، إما كفرا صراح، او ايمانا صراح) فلم يكن في قريش منافقون، والمنافق (وإن اظهر الاسلام) في درجة اسوأ من الكافر صراحة، لذا جاء ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار.
والانسان عندما يتسق ظاهره مع باطنه، بلا اي تناقض يكون مستقيما ومؤدبا، يكون (اديبا) ويكون مثقفا حقا، فالثقافة لغة هي الاستقامة، والآلة التي تقوم بها الرماح تسمى (الثقاف) والرجل الذي يقوم الرماح يدعى المثقف، قال عمرو بن كلثوم في معلقته الشهيرة:
فإن قناتنا ياعمرو أعيت üü على الاعداء قبلك ان تلينا
إذا عضّ الثقاف بها اشمأزت üü وأولته عشوزنة زبونا
عذرا ليس لي في الكلام غير اللائق لكن الامر ينطبق..والخازوق الكبير هو ان ما يوجه من اعلام يصب في خانة ارباك الجيل وفصله عن ذاكرته(ذاكرة القيم)والانتقال به الى مساحة اوسع من الحرية الجسدية والفكرية مما ينذر بكارثة قد تحل بعد وقت ليس ببعيد..وهي ضياع الهويه..وهذا ما يراد تحديدا لجعل الدين في الكتب والتي لن تقرأ مستقبلا والفضل في ذلك للكثيرمن الفضائيات العربيه..من باب اذا كان رب البيت....كذلك الفضل والقصد السوء للانترنيت ايضا ومواقع الحب والكلام واشياء اخرى تثير كل علامات الاستفهام .....وذكر
أخبار ثقافية
اللغة العربية والتحديات المعاصرة
ينظم مجمع اللغة العربية، ندوة يوم الاربعاء 4/5/2005م الساعة السابعة والنصف مساء بمقره بالخرطوم حول اللغة العربية والتحديات المعاصرة، يتحدث فيها د. علي احمد محمد بابكر (حوار الثقافة العربية مع العولمة المطروحة) ويعقب عليها الاستاذ صديق المجتبى، واللغة العربية بعد السلام في السودان يقدمها أ .د. دفع الله عبد الله الترابي، ويعقب عليها أ.د.عبد الرحيم علي،واللغة العربية واللهجات المحلية في السودان أ.د.يوسف الخليفة ابوبكر، ويناقشها أ.د.عون الشريف قاسم، واللغة العربية ووسائل الاعلام، يقدمها أ.د.علي محمد شمو، ويناقشها د.عبد الدائم عمر الحسنمعرض رسومات الأطفال
تشهد صالة المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون هذه الأيام معرض رسومات الأطفال الذي ينظمه المركز القومي لثقافة الطفل، وتم افتتاحه يوم الاحد 1/مايو 2005مرابطة عطبرة للآداب والفنون
وضعت رابطة عطبرة للاداب والفنون الخطوط العريضة لبرنامجها الأدبي والفني الذي يتضمن مقترحاً بإقامة كلية للدراما والموسيقى بجامعة وادي النيل كما تواصل الرابطة مساعيها لطباعة مخطوطات الشعراء الراحلين ومنهم حاج حمد عباس، محجوب قسم الله«المنبثق» والطيب حسن الطيب وإبراهيم سيد احمد وكتابات الاستاذ بشير الطيب، إضافة الى مخطوطة الشاعر محمد حمد شلالي - أطال الله في عمره إضافة إلى إخراج كتاب مصور يؤرخ لمدينة عطبرة للاستاذ الرشيد مهدي.
ليلة البرعي
أقام الاتحاد العام للكتَّاب والأدباء السودانيين أمسية لتأبين الفقيد الشيخ عبد الرحيم الشيخ محمد وقيع الله «البرعي» وتحدث في الحفل البروفيسور عون الشريف قاسم الذي تحدث عن عبقرية الفقيد وسماحته، وتلاه المهندس السعيد عثمان محجوب، ثم قدمت مجموعة من القصائد في رثائه لعدد من الشعراءافتتاح صالة اتحاد التشكيليين
افتتحت أمس الأول عند السابعة مساء رسمياً صالة الفنون التشكيلية بالمقر المؤقت لاتحاد الفنانين التشكيليين السودانيين، و ذلك بمباني وزارة الثقافة والإعلام سابقاً، المقر الحالي للأمانة العامة للعاصمة الثقافيةتمام المرحلة الثانية من مسرح كرري
تفقد الأستاذ هاشم هارون وزير الشؤون الثقافية والاجتماعية بولاية الخرطوم، المرحلة الثانية من مسرح محلية كرري الذي تم تصميمه بمواصفات عالمية، بحيث يسع 1200 متفرج، ومن المؤمل اكتمال جميع مراحله قريباً لكي يشكل إضافة حقيقية للصروح الثقافية بولاية الخرطوموزير الشؤون الثقافية
والاجتماعية بمعرض شبرين
قام الاستاذ هاشم هارون وزير الشؤون الثقافية والاجتماعية بزيارة لمعرض الفنان التشكيلي شبرين والذي يأتي في إطار موسم جاليري راشد دياب للعروض التشكيلية، وقد أبدى الوزير اعجابه باعمال الفنان شبرين مثمناً دوره الرائد في حركة التشكيل في السودانجمعية النحاتين السودانيين
عقد يوم السبت الماضي الاجتماع التأسيسي لجمعية النحاتين السودانيين، بمبادرة من عضوية اتحاد التشكيليين السودانيين، وتم انتخاب اللجنة التمهيدية المناط بها وضع الدستور واللائحة ودعوة الجمعية العمومية للانعقاد في غضون شهر مايو الجاري، وبذلك تهيب اللجنة التمهيدية بالإخوة النحاتين استلام استمارة العضوية طوال ساعات الدوام اليومي وذلك باتحاد التشكيليين السودانيين
الفلكلور في المسرح السوداني
صدر للدكتور عثمان جمال الدين، كتاب «الفلكلور في المسرح السوداني» عن مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم، يقع الكتاب في «157» صفحة من القطع المتوسط، ويحوي بين دفتيه ثلاثة أبواب وخاتمة، تناول في الباب الأول الحكاية الشعبية في المسرح بالسودان. والثاني «القيم الاجتماعية في المسرح بالسودان» الباب الثالث كان موضوعه «الاسطورة في التاريخ في المسرح بالسودان
اليونسكو تمنح الصحفي الصيني جانغ زينهوانغ جائزة (باليرمو كانو) لحرية الصحافة
منحت اليونسكو جائزة حرية الصحافة العالمية للصيني جانغ زنهوانغ اعلن ذلك السيد "كوتشيرو ماتسورا " المدير العام للمنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم(يونسكو) موصيا بذالك علي حرية وسائل الاعلام في كل انحاء العالم
وجاء في الاعلان ان السيد جانغ رئيس تحرير صحيفة )بانكوك اليومية ) الناطقة بالغة الانجليزية قد قدم مثالا حيا بان مؤسسته هي الافضل في الصين منحيث الدفاع عن الحريات الصحافية وذلك من خلال مقالاته التي تحدث فيها عن بصراحة ضعف الصحافة وعجزها عن القيام بدورها الذي من المفترض ان تلعبه في نشر الوعي العام في بلاده
ايضا يساهم السيد جانغ كمحرر في يومية (المتمدن الجنوبي) والذي يبلغ من العمر 40 عاما في تأسيس وعيا جديدا في الصحافة الصينية من حيث حرية التعبير والمهنية والكفاءة واستطاع بذالك ان يحول صحيفته الي اهم اصدارة يومية في الصين ومن اكثرها نجاحا وكان له دوره الكبير في نشر مقالات عن مرض (السارس) وحالات الوفاة التي حدثت بسببه في مركز شرطة كانتون
وكانت السلطات قد احتجزت المرضي في هذا القسم ولم ترسلهم لتلقي العلاج مما ادي ذالك الي اعتقال وجانغ زنهوانغ وقضائه 5 اشهر في المعتقل ومعه زميليه (يو هو فنغ) و(ليمينغ وقد اطلق سراح حه في اغسطس الماضي من عام 2004 وقد مكث كل هذه المدة في المعتقل بدون توجيه تهمة له ومنع من استئناف عمله الصحغي وقد عبر بشعور غامر بالفرحة عن فوزه بالجائزة قائلا:"انني اشعر بالاطمئنان والارتياح وفي نفس الوقت احس بالاسي لان كل ماقمنا به كان عبارة عن قناعاتنابمهنتنا" وتمنح جائزة حرية الصحافة اليوم 3 مايو الذي يحتفل به هذا العام في داكار عاصمة السنغال.
وقد أطلق على الجائزة اسم الصحفي الكولومبي غويرمو كانو، الذي قتل في عام 1987 بعد أن استنكر أنشطة بارونات المخدرات الأقوياء في بلده. والمرشحون تتقدم بأسمائهم الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعزز حرية الصحافة.
والصحفيون الذين حصلوا في السابق على جائزة حرية الصحافة العالمية هم: أميرة هاس (إسرائيل)، في عام 2003؛ وجيوفري نياروتا (زمبابوي)، في عام 2002؛ والصحفي المسجون أو وين تين (ميانمار)، في عام 2001؛ ونزار نيوف (سوريا) في عام 2000؛ وجيسوس بلانكورنلاس (المكسيك) في عام 1999؛ وكريستينا أنيانو (نيجيريا)، في عام 1998؛ وغاو يو (الصين)، في عام 1997تشكيل
من فيئ الحديقة
بلدنا هذا وان طغت عليه ـ في الاونة الاخيرة ـ سواءات فساد الذمم الذي افضي الي فساد الامكنة الذي ترتب عليه فساد للذوق العام لا مثيل له ! وفيما وصفناه في بيان الحديقة التشكيلية بالتطبع على حالة القبح والفوضي التي ضربت باطنابها في كل ارجاء بلادنا ، بلادنا التي وان غشت على الروح الطيبة فيها غلالات كثيفة من البؤس والعسف ، وان تضور اهلها من مختلف اشكال الجوع والافقار ، لهي في نظري جميلة وغنية في اصولها الحضارية الانسانية العميقة وزاخرة بمقدراتها الثقافية وبكنوزها الوطنية الحية مثلما هي ذاخرة بتراث فنوننا المادية الاصيلة التي تشهد بها حضاراتنا القدمية المغيبة عن وعينا الجمعي والتي شادها اسلافنا من الصناع المهرة والفنانين المبدعين العظام على ضفاف نهر النيل وروافده واوديته وكان التشكيل او قل الفن ، اعلى ذروة من ذراها ، وكانوا هم بناتها الحقيقيون ـ لا الاباطرة والملوك والسلاطين ـ وسيظلوا هم بناتها الفعليون الي ان يرث الله الارض ومن عليها ، كما تشهد بذلك حرف وصنائع وفنون اهلنا في السودان على تعدد اثنياتهم ومعتقداتهم وافكارهم وثقافاتهم التي لم تنقطع منذ آلاف السنين ، والتي اندثرت ، والتي يتهددها الزوال ، والتي نهبت والتي في باطن الارض ، وما خفي اعظم.
وتشهد بذلك حركتنا التشكيلية الحديثة التي تسنم ريادتها وفي زمن عصيب ، رهط كبير من الفنانين الفطريين الغر المبدعين ـ وللاسف ـ لا نعرف عنهم حتي الآن سوي القليل ولا نعرف منهم سوى علي عثمان والعريفي الكبير وجحا وكومي وعيون كديس الى آخر قائمة (حقيبة الفن) التشكيلي الامدرمانية المتداولة التي لا يعترف بها الا لماما ولا يعرف غيرها ، يليها رهط اخر من الرواد الاكاديميين امثال تلودي وعبد القفار عبد الرازق وعلي احمد ووقيع الله والجنيد والصلحي والشايقي والنجومي وبسطاوي ومحمد عبد الله وشبرين ونضيف وتاج السر احمد وعامر نور ومحمد عمر خليل الى آخر القائمة الخرطومية المعروفة التي اعقبت قوائم واجيال اخري ، نشأت على تواليبها مدارس وجماعات وبالاحري مدرسة وجماعة وهما مدرسة الخرطوم وجماعة اباداماك وظهرت اتجاهات واساليب تمخض عن حواراتها وحراكها في ـ حوالي ـ ثلاثة عقود من الزمان صدور اكثر من بيان ثقافي تشكيلي اهمها ـ في تقديري ـ البيان الكريستالي وبيان الحديقة التشكيلية وذلك من حيث الرؤى والافكار التي يطرحها كل واحد منهما وقدرتها على تلمس اسئلة في غاية الاهمية ، تتعلق ببعض علل الذهنية السودانية (اذا صح التعبير) وطرائقها في التفكير والتدبير فيما يتعلق بكل شأن وبالشأن السوداني في منظوره الجمالي التشكيلي على وجه الخصوص ، فالبيان الاول يتعلق في جوهره بخلل طرائق التفكير الجامدة ومسلماتها الساكنة التي تنتظم حياتنا عموما وحياتنا الثقافية البصرية على وجه التحديد ، والثاني وبعد استقرائه الموضوعي لواقع البيئة المادية التشكيلية ومشهدها البصري ، نجده يتعلق في اساسه بابتداع حلول وطرائق في التدبير تقوم على اعلاء شأن ثقافة الصورة البصرية وسائر الفنون المادية التشكيلية وتجذير مكانها اللائق في منظومة وعينا الجمعي جنبا الي جنب مع ثقافة اللغة وعلي استنهاض الروح الخلاقة وارادة العمل الجماعي لمجابهة الفوضي وفيروس القبح ودائه الذي استوطن في حياتنا كحمي الملاريا بل غطي كل وجه جميل فيها بغلالة دميمة ، اخفت تلك الابتسامة الطيبة من وجوهنا بل حلت محلها وافسدت الذوق والاخلاق وحالت دون التفكير العلمي السليم.
ومن هذه الطرائق كانت فكرة الورش الدائمة التي اقترحها منفستو الحديقة التشكيلية الذي يدعو للتفكير في الاسباب التي تمنع النصب الميدانية والتصوير الجداري وللتفكير في الاسباب التي تحول دون انشاء النوافير والحدائق في المدارس والمساجد والكنائس والميادين العامة بدلا عنها طالما هي ليست نصبا مشخصة ولا تقع تحت طائلة حرمة التصوير والتشخيص !
ومن هذه الطرائق كانت ورشة حديقة الفنون للاطفال في مرحلتها الثالثة التي اقمناها بام درمان لمدة ثلاثة اشهر متصلة.
ومنها ايضا ، يجئ معرضي الفردي هذا ورغم قناعتي بأن (شوكلاتة) صالة العرض وحدها لا تشكل بديلا او حلا امثلا للتداوي من علل القبح والجوع الفني المستشرى في بلادنا ومثل جوعنا الآخر .
فهذا المعرض ـ وعلى اية حال ـ يجئ كمساهمة متواضعة في حجمها ، لكنها في ذات الوقت تحمل في ثناياها تطبيقا لبعض الرؤي المطروحة في منفستو الحديقة التشكيلية ، كما تحمل بالطبع رؤيتي الخاصة في التكوين وصناعة العمل الفني وفق مفهوم احتمالات التشكيل اللامحدودة التي تنتفي فيها الحدود الفقهية الاكاديمية بين اجناس التشكيل المختلفة.
علاء الدين الجزولي
المعرض الفردي التاسع
المركز الثقافي الالماني / الخرطوم
في الفترة من 21 ابريل الى الاول من مايو 2005م
رابطة الكتاب السودانيين لماذا؟ (1ـ2)
لماذا هذه الرابطة؟ سؤال مشروع، لابد ان يسأله الكثيرون، والاجابة عليه مع اسئلة اخرى كثيرة يجب ان تأتي متضمنة في ديباجة دستور الرابطة، والتي ستحمل جينات الدستور وتعطيه شهادة ميلاده وأسباب وملابسات وجوده، وتسمى اباءه وامهاته. واشياء اخرى كثيرة.
اما انا فلا املك في هذه العجالة إلا ان انقل لك ما قد سجلته في الجلسة التأسيسية عن هذا الموضوع:
(الديباجة من الاهمية بمكان ، فهي تحمل جينات الدستور وتعطيه شهادة ميلاده ومقومات واسباب وجوده، الذي هو وجود الرابطة نفسها).
واذا كانت الديباجة لكل دستور مهمة فهي في حالة رابطتنا هذه اكثر اهمية، إذ انها تجيب على عدد من الاسئلة المهمة ، على رأسها لماذا الرابطة الآن؟
وعلى كل حال اذا لم تفرغ اللجنة المكلفة من صياغة الديباجة بعد، فلابد من الاتيان بشيء منها شفاهة: (قصدت بالاهمية ان الكل فاغر فاه يريد ان يعرف ما في الجراب).
في اعتقادي ان الاديب - قصد او لم يقصد - يضع اثر بصمته على امته، والذي ليس له هذا ا لاثر، يجعل صفة (اديب) عالقة به كما تعلق بخيال المآتة الملابس التي توضع عليه، فإذا كان الاديب نفسه ضحية فكرة معينة، اسقط تلقائيا معه عددا من الضحايا.. وأنا لا اقصد هنا الدعاية المباشرة لفكرة معينة او اعتقاد معين مثل الشيوعية او الاشتراكية او الاصولية، لكنني اعني اشياء هي (خصوصا في حالة فقدها) اقل وضوحا واقل مباشرة لكنها ليست بأي حال من الاحوال اقل اهمية، مثل الذكاء المحايد والشرف والامانة الفكرية (intellectual honest) والتسامح وسعة الافق وعشق المعرفة والهيام بالحقيقة وكراهية الظلم والتغابي والاستعلاء .. مما يسمى بقيم العقل الحر.. لسوء الطالع هذه القيم آخذة في التراجع، وكان لتراجعها مفعول السحر وسود العواقب، وفي ميادين لم تكن علاقتها مع الادب واضحة للعيان.. فتراجعت تلقائيا قيم اللعب النظيف (fair play) . الناس الآن من فرط تراجع هذه القيم كأنهم في معركة .. هم على التحقيق كذلك.. وفي المعارك اللعب النظيف مع الخصوم يعتبر خيانة عظمى !! ومن المحزن ان هذه الفهم قد اخذ في التسرب الى الادب وبفعل فاعل طبعا (ليس للاديب اعداء سوى الجهل والقهر والعهر - هذه الجملة لم ترد في حديثي المشار اليه)، الشيء المتوقع هو ان يرتفع الادباء بأدبهم فوق سطح الماء الآسن.. الادباء هم رئة الامة ، بها تتنفس الهواء النقي، فإذا كان جسد الامة كله غارقا الى اذنيه في المستنقع، والادباء يرتفعون بأدبهم فوق السطح، امكن للامة ان تتنفس الهواء النقي، وكان هنالك امل في ان يبقى جسدها حيا، ويرجى له ان يستعيد عافيته وان يقوم من وعكته (القضاة لهم خاصية مثل هذه ، لكنهم اكثر عرضة للتعفن من الادباء، ودونكم الحديث الشريف).
الادب الحقيقي هو هذا الهواء النقي، هو المبرد الذي يحفظ جسد الامة وعقلها من التعفن، ويعول عليه كثيرا في اعادة هذا الجسد - مهما بلغ من التحلل - الى الحياة و الي النشاط مرة اخرى، هذا هو منطلق الانضمام لهذه الرابطة ، (نريد ان نمد ايدينا واقلامنا لأمتنا). هذا ما قلته خلال ا لجلسة التأسيسية ، اما وقد اتحت لي الفرصة لإلقاء المزيد من الضوء فإنني اواصل (كتابة هذه المرة).
جاء في الحديث الشريف: (في الجسد مضغتان، اذا صلحتا صلح سائر الجسد واذا فسدتا فسد سائره، ألا وهما القلب واللسان)، والمضغتان في عالم الحس شريحتان قدتا من اللحم، آلا انهما في عالم المعاني يشيران الى الظاهر (اللسان)، والباطن (القلب)، وصلاحهما معا يشير الى تطابقهما، فليس هناك خلق هو اسوأ من ان يظهر الانسان خلاف ما يبطن.. جاء عن هذا السوء والفساد في القرآن: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ü كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). فالصدق. (وإن كان صاحبه مخطئا يورث الرحمة) فقد جاء في الاثر الشريف: (رحم الله قريشا، إما كفرا صراح، او ايمانا صراح) فلم يكن في قريش منافقون، والمنافق (وإن اظهر الاسلام) في درجة اسوأ من الكافر صراحة، لذا جاء ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار.
والانسان عندما يتسق ظاهره مع باطنه، بلا اي تناقض يكون مستقيما ومؤدبا، يكون (اديبا) ويكون مثقفا حقا، فالثقافة لغة هي الاستقامة، والآلة التي تقوم بها الرماح تسمى (الثقاف) والرجل الذي يقوم الرماح يدعى المثقف، قال عمرو بن كلثوم في معلقته الشهيرة:
فإن قناتنا ياعمرو أعيت üü على الاعداء قبلك ان تلينا
إذا عضّ الثقاف بها اشمأزت üü وأولته عشوزنة زبونا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى